أخبار عاجلة

الهلال الأحمر.. كتاب شيماء النكلاوي عن سلسلة تاريخ المصريين  

صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن سلسلة تاريخ المصريين، كتاب الدكتورة شيماء إسماعيل النكلاوي “جمعية الهلال الأحمر المصري 1911 – 1973 “.

رئيس تحرير السلسلة الأستاذ الدكتور صابر عرب ونائب رئيس التحرير الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق ومدير تحرير السلسلة الدكتورة أمل فهمى وسكرتير التحرير مرزوق عبد المحسن والإخراج الفني إيمان راشد وتصميم الغلاف الدكتورة هند سمير، والتصحيح طلعت محمد أحمد.
في مقدمة الكتاب تقول المؤلفة “في خضم الصراعات اللاإنسانية التي يمر بها العالم، ظهرت أهمية ودور جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر الوطنية الإغاثية في سرعة إسعاف الجرحى، والوقوف جنبًا إلى جنب مع الأسر المنكوبة، وهذا ما هدف له هنري دونان Henry Dunant (1828-1910) مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ حيث دعا إلى تكوين جمعيات إغاثة موحدة ومستقلة في كل بلد يمكنها أن توفر الحماية والرعاية للجرحى من كلا الأطراف المتحاربة، وبمرور الزمن حققت فكرة هنري دونان الأهداف المرجوة منها، أضف إلى ذلك توسَّع عمل جمعيات الإغاثة الوطنية ليشمل المتضررين في زمني: السلم والحرب معًا، وتوجد على الساحة الدولية الآن ما يقرب من 192 جمعية وطنية للإغاثة.
تُعد جمعية الهلال الأحمر المصري إحدى تلك الجمعيات الوطنية الإغاثية، وترجع جذور ظهور النشاط الإنساني المتعلق بجرحى الحرب في مصر إلى سبعينيات القرن التاسع عشر؛ وذلك في أثناء نشوب الحرب الروسية العثمانية (1877-1878)؛ حيث انتقلت فكرة وجود جمعية لإغاثة جرحى الحرب – والمعروفة بالهلال الأحمر – من الدولة العثمانية إلى مصر مبكرًا، ومن ثم فتُعد جمعية الهلال الأحمر المصري هى أولى الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر على الساحة العربية، وثاني الجمعيات بعد جمعية الهلال الأحمر العثماني على الساحة الدولية، وإن كانت جمعية الهلال الأحمر قد تواجدت في مصر منذ عام 1877، إلا أنها كانت تُشكل وتندثر مع انتهاء الحرب التي تكونت من أجلها- والتي كانت معظمها حروبًا شاركت فيها مصر مع الدولة العثمانية، فيما عدا الحملات المصرية البريطانية لاسترداد السودان عام 1898- إلا أنه بقدوم عام 1911 تأسست جمعية الهلال الأحمر المصري بشكل فعلي يهدف للاستمرارية، وانطلقت تمارس أنشطتها على الصعيدين: المحلي والدولي، في زمني: السلم والحرب.
من ذلك، ومن أجل الوقوف على دور جمعية الهلال الأحمر المصري وظروف نشأتها وتنظيمها ومكانتها الدولية؛ كان اختيار الباحثة لموضوع الكتاب، وعمّق من ذلك الاختيار عدم تطرق أي من الكتابات التاريخية لدراسة تاريخ الجمعية دراسة علمية شاملة، تعتمد على الوثائق والمصادر الأصلية، كما أن تاريخ الجمعية يبرز فيه التكامل بين جميع فروع التاريخ المختلفة، فلا يمكن للباحث في التاريخ الاجتماعي المؤسسي أن يغفل عن دراسة هذا التاريخ في إطار المؤثرات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والدينية، ومن ثم فموضوع الكتاب يكسر الحواجز بين تلك الفروع المختلفة للتاريخ. كما يهدف إلى بيان كيفية تمكن منظمات المجتمع المدني من مواجهة الكوارث، والتدخل في أوقات الحرب، جنبًا إلى جنب مع الجهات الحكومية المسؤولة، ويسهم في قياس مدى فاعلية الجهات غير الحكومية في دعم الجهات الحكومية، وتُبرز مدى سَمَاح الدولة لتقبل تلك الجهات، وحدود سلطاتها عليها، كما أن الدراسة تبرز تطور مجال الإغاثة في مصر.
يرجع السبب في اختيار الفترة الزمنية لموضوع الكتاب بين عامي (1911: 1973)؛ إلى أن عام 1911 هو بداية التأسيس الفعلي لجمعية دائمة العمل، ومنظمة، وحققت الأهداف المرجوة منها، ولها كيان اكتمل بمرور سني الدراسة، وأما عن نهاية الفترة وهو عام 1973؛ فقد اخترته لنشوب حرب 6 أكتوبر، والتي كانت آخر الحروب التي خاضتها مصر، والتي وصلت فيها الجمعية للنضج في أنشطتها المتنوعة، وأصبح لها مكانها على الساحة الدولية، وتولت مسؤولية تدعيم الجهد الحربي في مصر، مما كان له أثره الإيجابي في درء الآثار السلبية للحرب”.

يشتمل الكتاب على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. جاء الفصل الأول بعنوان: نشأة جمعية الهلال الأحمر المصري، وقد سلطت فيه الضوء على جذور فكرة العمل الخيري المرتبط بالحرب عالميًا، وكيف تجسدت هذه الفكرة على أرض الواقع بجهود هنري دونان مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 1863، وكيف اتجه مؤسسو اللجنة لتقنين فِكَرهم عن طريق اتفاقية جنيف الأولى عام 1864، والتي دُعيت جميع الدول للتصديق عليها، وكانت منهم الدولة العثمانية، ويناقش الفصل بعد ذلك قضية خلافية مهمة وهو محاولة الدولة العثمانية اختيار شارة الهلال الأحمر بدلًا من الصليب الأحمر لحماية خدماتها الطبية، وتأسيس جمعية الهلال الأحمر العثماني، وانتقلت بعد ذلك ومن خلال تلك الأحداث لعرض مراحل ظهور الهلال الأحمر في مصر وفقًا لظروف مختلفة ومؤسسين مختلفين.

ثم جاء الفصل الثاني ليرسي القواعد التنظيمية للمؤسسة الوليدة، وعنوانه: التنظيم الإداري والمالي لجمعية الهلال الأحمر المصري، وقد أفردت هذا الفصل لتوضيح أغراض الجمعية في زمني: السلم والحرب، ثم تعرضت لنظام العضوية بالجمعية؛ والأهم من ذلك أني تطرقت فيما بعد إلى رصد التغيرات الإدارية التي طرأت على الجمعية نتيجة للقوانين المنظمة لها، والظروف السياسية والاقتصادية التي ألمت بها، ومن بعد ذلك عرضت للجهاز الإداري للجمعية؛ كما سلطت الضوء على رؤساء الهلال الأحمر، الذين تميزوا بأنهم من صفوة المجتمع من أمراء، ووزراء للصحة، وأطباء مشهورين، أو ممن شغلوا مناصب حكومية رفيعة، وتطرقت بعد ذلك إلى الحديث عن تنظيم شارة الهلال الأحمر، ثم انتقلت لعرض تنظيم الجوانب المالية، واختتمت الفصل بعرض تنظيم الجمعية على المستوى الدولي.
وجـاء الفصـل الثالث بعنوان: دور جمعية الهلال الأحمر المصري في زمن الحرب، وقد قمت بتقسيمه لأربعة محاور رئيسة؛ وهي: أولًا: حروب الدولة العثمانية، وثانيًا: الحروب العالمية، والمحور الثالث جاء بعنوان: حروب البلاد العربية والإسلامية، أما المحور الأخير فقد أفردته لحروب مصر، وكان الغرض من الفصل توضيح نشاط الهلال الأحمر في زمن الحرب وتنوعه ما بين الخدمات الطبية والاجتماعية، والترفيه عن الجنود، والاهتمام بأسرى الحرب، وغير ذلك مما ستوضحه الدراسة.
أما الفصل الرابع والأخير من الكتاب فجاء بعنوان: دور جمعية الهلال الأحمر المصري في زمن السلم، وقد أفردت هذا الفصل لتوضيح دور الجمعية في الكوارث الأخرى غير الحرب، فضلًا عن أنشطتها الأخرى في زمن السلم، فتناولت في البداية دور الجمعية في حشد المتطوعين، ثم النشاط الصحي للجمعية، يليه النشاط الصحي الاجتماعي وذلك على الصعيدين: المحلي والدولي، وأيضًا النشاط الاجتماعي للجمعية في مصر؛ وكل هذا في إطار إبراز تأثر الجمعية بالأحداث المختلفة من حولها، وأخيرًا تحدثت عن دور الجمعية في تأسيس الفروع والشعب في جميع أنحاء مصر.
وأخيًرا، جاءت الخاتمة والتي عرضت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال تلك الدراسة.
اعتمدت مصادر الكتاب بصفة أساسية على الوثائق الأجنبية غير المنشورة، وأهمها وثائق أرشيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر بجنيف، وثائق أرشيف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بجنيف، وثائق أرشيف الصليب الأحمر البريطاني بلندن، وثائق وزارة الخارجية البريطانية، الأرشيف البريطاني بلندن، وثائق وزارة الخارجية الأمريكية الخاصة بالشؤون الداخلية، وثائق الخدمات الطبية والحرب.
كما اعتمدت على الوثائق العربية غير المنشورة، والتي اطلعت عليها بدار الوثائق القومية بالقاهرة، والتي تميزت بانتقائها من وحدات أرشيفية مختلفة. هذا إلى جانب الوثائق المنشورة، سواء كانت أجنبية أو عربية، ومنها: التقارير السنوية للجنة الدولية للصليب الأحمر، ووثائق جلسات البرلمان البريطاني التي نشرها هانسارد، وثائق وزارة الخارجية الأمريكية (العلاقات الخارجية)، وإلى جانب ذلك استفادت الدراسة بعض التقارير التى كانت تصدر عن الجمعية إلا أنها قليلة نظرًا لفقدان معظمها، وأيضًا تقارير وزارة الشئون الاجتماعية المرتبطة بالموضوع. اعتمدت مؤلفة الكتاب أيضًا على التاريخ الشفهي كمصدر من مصادر استقاء المادة العلمية، لما يعطيه من تصور دقيق؛ لأنه يؤخذ من أفواه المعاصرين للأحداث، بإجراء مقابلة شخصية مع د. جيهان السادات (1933-2021) – زوجة الرئيس الراحل محمد أنور السادات (1970-1981)- تغمدهما الله في واسع رحمته، وتمت المقابلة في قصر الرئيس بالجيزة، في الساعة الثانيةِ عشرةِ ظهرًا، بتاريخ 6 فبراير عام 2016، وترجع أهمية هذه المقابلة إلى أن جيهان السادات شاركت في تنظيم المتطوعات في حرب عام 1967، والرئاسة الشرفية للهلال الأحمر في أثناء حرب 6 أكتوبر عام 1973، ثم صدر قرارٌ بتوليها رئاسة الجمعية في عام 1978، واستطاعت المؤلفة من خلال تلك المقابلة تحديد أنشطة الهلال الأحمر في حروب عامي: 1967، و1973 .
و اعتمدت أيضًا على الصحف المعاصرة، والدوريات، والنشرات، والمذكرات الشخصية، والمراجع، والدوريات، والموسوعات، والرسائل العلمية، فضلًا عن القواميس، والمعاجم، وقد تميزت جميعها بتنوعها ما بين العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والتركية، والروسية، والألمانية.