شويكار خليفة: الجهات الخاصة تخشى إنتاج أعمال الرسوم المتحركة لأنها تحتاج تكلفة ضخمة ووقتا كبيرا
د.رشيدة الشافعى: عودة أفلام الكرتون المصرية مرهونة بدعم الدولة
بشير الديك: استمر العمل فى «الفارس والأميرة» 10 سنوات حتى يرى النور
فاطمة المعدول: لدينا مخزون كبير من الأعمال يمكن استغلاله بإنشاء قناة خاصة للطفل المصرى
محمد الدندراوى: إنتاج هذه الأعمال فى مصر وتسويقها عربيا وإفريقيا يمكن أن يدر عائدات ضخمة
تحقيق- أحمدالروبى
د.منى أبو النصر، شويكار خليفة ،د.رشيدة الشافعي، وأسماء عديدة أثرت عالم الرسوم المتحركة فى مصر، والذى بدأ مع بدايات السينما المصرية فى القرن الماضى، وكان هناك اهتمام واضح بمجال الرسوم المتحركة سواء الأفلام أو المسلسلات «بكار» و«قصص الحيوان فى القرآن» و«بسنت ودياسطى».
ولكن على الرغم من وجود كوادر مهمة أثرت هذا المجال لكن فى السنوات الأخيرة أصبح من النادر صناعة مسلسل أو فيلم رسوم متحركة مصرى وهو السؤال الذى قررنا أن نطرحه على عدد من المتخصصين والصناع فى مجال الرسوم المتحركة فى مصر عن أسباب تغيب مصر عن المنافسة فى عالم الرسوم المتحركة والكرتون، وكيف يمكن إعادتها مرة أخرى وتخطى الأزمات التى أدت لقلة صناعتها.
تؤكد شويكار خليفة، رائدة صناعة أفلام الرسوم المتحركة، أن صناعة الرسوم المتحركة بدأت فى مصر فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، إلا أنها اندثرت فى الفترة الأخيرة بشكل كبير، وأصبح هناك ضعف فى إنتاج تلك النوعية من الأعمال التى استطعنا فى السابق أن نقدمها بشكل جيد، مشيرة إلى أنها تمكنت من حصد أكثر من ثلاثين جائزة لأفلام الرسوم المتحركة حين كانت تشارك من خلالها فى المهرجانات.
وتضيف شويكار لـ«القاهرة»، أن الأزمة ترجع إلى توقف الدولة عن إنتاج أعمال الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون التى كنا نخاطب من خلالها فئات مختلفة، ولكن الفئة الأهم كانت الأطفال حيث نستطيع أن نبث لهم الأفكار الصالحة والعادات السليمة.
وتوضح أن الدولة هى الجهة التى كانت يمكن أن تنتج تلك الأعمال، كوّنها مُكلفة وتحتاج إلى توزيع، أما الدولة فكانت تنتجها وتعرضها على التليفزيون المصري، وقناة الأسرة والطفل التى كان الهدف من تأسيسها فى البداية أن تكون موجهة للأطفال لتساهم فى تقويم سلوك أطفالنا، مشيرة إلى مدى التأثير الكبير لتلك الأعمال على الأطفال الذين يشاهدونها.
وتستطرد قائلة: «فى إحدى المرات كنا نعرض حلقة عن مملكة النحل، وكانت تلقى الضوء على فرقة استعراضية قررت الدبابير أن تهاجمها، إلا أن النحل الذى كانت تتواجد مملكته فى نفس المنطقة قرر الدفاع عن الفرقة، لكن ما حدث أنه بعد نهاية العرض ظهر أمامى طفل من وسط الأطفال الذين كانوا حاضرين ليؤكد لى أن العظة التى خرج بها من الحلقة أن الجار قبل الدار، وقد فاجئنى ذلك فهو طفل لم يتعد التسع سنوات ولكنه تمكن من الخروج بعظة من الحلقة، وهو ما يعكس أهمية هذا الفن».
وتكشف شويكار، أن الجهات الخاصة تخشى إنتاج أعمال الرسوم المتحركة لأنها تحتاج تكلفة ضخمة ووقتًا كبيرًا من أجل التصوير، لذلك لا يوجد إنتاج خاص لها، مشيرة إلى أن الأعمال الخليجية فى هذا المجال انتشرت بكثرة فى السنوات الماضية لدرجة أن بعض الأطفال أصبحوا يتحدثون بلغة الدبلجة الخاصة بتلك الأعمال، وهو ما يستوقفنا ويجعلنا نفكر بضرورة عودة أعمال الرسوم المتحركة المصرية.
وتستنكر عدم عرض الأعمال القديمة، قائلة: «هناك أجيال لم تشاهد الكرتون وأعمال الرسوم المتحركة القديمة، ونحن لا نعيد عرضها خاصة وأن بها رسائل هامة لأطفالنا، وهم لم يشاهدوها من قبل، والتأثير الذى ستحدثه تلك الأعمال نحن نحتاجه لتلك الأجيال، لذلك من الضرورة أيضًا إعادة عرض أبرز الأعمال التى أنتجناها».
وتبدى الدكتورة رشيدة الشافعي، رئيس جمعية الرسوم المتحركة، غضبها من الإهمال الذى يتعرض له فن الرسوم المتحركة والكرتون، مشيرة إلى أن إنتاج تلك الأعمال أصبح غير موجود على الإطلاق، ولم نشاهد أعمالًا جيدة وجديدة فى الآونة الأخيرة، لذا يحتاج منا هذا الفن مزيدًا من الاهتمام لتعود أعمال الكارتون والرسوم المتحركة مرة أخرى.
وتشير الشافعى فى حديثها لـ«القاهرة» إلى أن هناك أزمة أخرى نعانى منها حيث إن شركات الإنتاج الخاصة بتلك الأعمال غير موجودة فى مصر تقريبًا، وهو ما يجعل الإنتاجات الخاصة لتلك الأعمال معدومة، منوهة إلى أن الكرتون لا يخاطب الأطفال فقط بل يؤثر فى الكبار والصغار على حد سواء، ويحتاج منا المزيد من الرعاية والاهتمام، متمنية أن تٌعيد الدولة دعمها لتلك الأعمال حتى نراها مرة أخرى على الشاشات المصرية، ويعود هذا الفن ليُقدم للجمهور بأفكار حميدة وإبراز لعادتنا وتقاليدنا.
من جانبه يؤكد محمد الدندراوي، مخرج مسلسلات وأفلام رسوم متحركة، أن هناك عدة أزمات تواجه أعمال الرسوم المتحركة، أولها المعلن الذى لن يضع إعلانه على أعمال رسوم متحركة، لذلك تضطر القنوات الفضائية إلى عدم دفع أموال فى تلك الأعمال، وفى بعض الأوقات تطلب من صانع العمل أن يهديه للقناة دون مقابل، وهو أمر صعب للغاية فهناك أموال طائلة تدفع من أجل إنتاج تلك الأعمال، تصل لملايين.
ويوضح لـ«القاهرة»، أن فكرة إنتاج أفلام الرسوم المتحركة لو تم التعامل معها بشكل صحيح يمكن أن تُدر أموال ضخمة للغاية، ففى مصر على سبيل المثال من الممكن أن تكون تكلفة العمل مليون جنيه، فى حين أن التكلفة تكون فى أمريكا مليون دولار، لذلك يمكن أن نكون وجهة لإنتاج تلك الأعمال وتسويقها عربيًا وإفريقيا.
أما الكاتب بشير الديك، الذى ألف وأخرج فيلم «الفارس والأميرة» وهو أحد أفلام الرسوم المتحركة الروائية الطويلة، فيرى أن هذه النوعية من الأعمال صعبة للغاية، وتحتاج حرفية شديدة، خاصة وأنها أصبحت تعتمد على التقنيات الحديثة، مشيرًا إلى أن فيلمه كان من نوعية 2D أى ثنائية التحريك، ويعتمد على الرسم وليس من خلال برامج الجرافيك، واستمر العمل فيه لمدة 10 سنوات حتى يرى النور، لافتًا إلى أنه أمر متعب وشاق للغاية.
ويوضح لـ«القاهرة» أن فيلمه يعتبر الروائى الطويل الوحيد فى تاريخ أفلام الرسوم المتحركة على مستوى الوطن العربي، وأن مثل تلك الأفلام يحتاج لميزانية ضخمة وإنتاج كبير، لافتًا إلى أن المنافسة اختلفت فى هذا النوع من الفن عن السابق بسبب دخول التكنولوجيا والتى يمكن من خلالها عمل فيلم «كارتون» كامل، لذلك يجب أن نواكب التغير.
فيما تقول الكاتبة فاطمة المعدول، التى قدمت العديد من أفلام الرسوم المتحركة القصيرة ككاتبة ومنتجة، إن لدينا مخزونًا كبيرًا من الأعمال سواء التى أنتجها المركز القومى للطفل أو معهد السينما وكذلك التلفزيون المصري، ويمكن استغلاله من خلال إنشاء قناة خاصة للطفل المصرى فى ظل حالة غياب الهوية المصرية وانتشار أعمال الأطفال الخليجية والغربية، وعلينا العودة للأصالة المصرية والهوية من خلال هذه القناة.
وتوضح لـ«القاهرة» أن إنتاج فيلم طويل أمر مكلف للغاية، لكنها قدمت أفلام قصيرة للأطفال بطريقة جذابة وبمفهوم مناسب للطفل، مشيرة إلى أنها سبق وطالبت بتشكيل لجنة أثناء تولى د.أمل الصبان مسئوليتها كأمين عام للمجلس الأعلى للثقافة من أجل تقديم أعمال للأطفال، وضمت اللجنة العديد من الأسماء منها المخرج خالد يوسف، وكان شرطًا ألا يشارك أعضاء اللجنة فى أعمال ولكن من أجل تقديم فيلم للطفل كل عامين.
وعن غياب الإنتاج الخاص للطفل، تشير إلى أن المنتج لن يغامر إذا لم يتم عرض هذه الأفلام فى جهات خاصة، مثل المدارس أو قصور الثقافة وغيرها من الأماكن التى تصلح للعرض للأطفال، ولكن بمقابل مادي، لافتة إلى أن ابتعاد التليفزيون عن الإنتاج سبب فى قلة الإنتاج حيث كان ينتج العديد من الأعمال التى حققت حالة من الزخم.
** نشر ضمن ملف خاص عن ثقافة وفنون الطفل المصري، في العدد 1181 بجريدة القاهرة، بتاريخ 7 مارس 2023