أخبار عاجلة

كُتاب مسرح ونقاد يقدمون روشتة لكتابة نص شيق وجذاب لمسرح الطفل

محمود عقاب: الخلط بين الكتابة للطفل والكتابة عنه.. أبرز إشكالية تواجهنا

أحمد سمير: يجب أن يكون الطفل مشاركًا فى الحدث لا أن يكون مستقبِلًا فقط

د.سلامة تعلب: التشويق شرط نجاح العمل المسرحى المخصص للطفل

أحمد زحام: ليس كل ما يكتب للكبار يصلح أن يكتب للصغار

مجدى مرعى: نصوص الطفل يجب أن تتوافق مع القيم التربوية وتبتعد عن التعقيد

 

تحقيق – رنا رأفت

المسرح الموجه للطفل هو إحدى ركائز الوعى الذى تبنى عليه الثقافة لأجيال متعاقبة، لما له من مكانة أدبية وفكرية وتربوية وفنية وجمالية وتعليمية. والكتابة لمسرح الطفل ليست بالأمر اليسير، حيث تتطلب موهبة متفردة ومجموعة من التقنيات والآليات حتى تؤتى ثمارها وتثرى مسرح الطفل. ورصدت جريدة «القاهرة» آراء كتاب ومبدعى أدب الطفل حول أهم الإشكاليات الخاصة بالكتابة لمسرح الطفل وشروط كتابة نصوص مسرحية للأطفال.

فى البداية، يقول الكاتب أحمد زحام، الذى قدم العديد من الأعمال المسرحية للأطفال، إنه ليس كل ما يكتب للكبار يصلح أن يكتب للصغار، موضحًا أن إشكاليات الكتابة للطفل تبدأ فى مرحلة ما قبل الكتابة، حيث يتطلب الأمر طرح تساؤلين هامين: ماذا نكتب؟ ومن أين نأتى بالأفكار؟، ثم تأتى الخطوات اللاحقة والتى نقوم فيها بتصنيف الفئات العمرية المستهدفة، وتحديد زمن المسرحية وما يدور حوله، ثم تكوين الشخصيات ومشاعرها وطرق التعبير عنها، ثم اختيار الحبكة وكتابة الحوار وتقسيم المشاهد واختيار العنوان.

وتابع زحام لـ«القاهرة»: لا يلجأ كثير من الكتاب لكتابة نص أدبى مسرحى للطفل لإشكاليات عدة، أولها  النشر حيث لا توجد دور نشر عامة أو خاصة تفضل نشر النصوص المسرحية كنص أدبي، كما لا توجد جهات إنتاج خاصة أو عامة تنتج هذا النوع من المسرح، فضلًا عن أن الكاتب يتم التعامل معه داخل المؤسسات الحكومية  بأدنى الأجور، كما أن الصرف على الإنتاج ضئيل جدًا مقارنة بمسرح الكبار، مما يجعل الكتاب تعزف عنه. 

أما الكاتب المسرحى أحمد سمير، فيرى أن الكتابة لمسرح الطفل يعد من أصعب أنماط الكتابة، لأن الطفل من خلال الفنون والمسرح يكتشف العالم المحيط به، وإن أخفقت رسائل العمل الإبداعى عن ذهن الطفل أو تعددت تفسيراتها لديه قد يسبب له ذلك مشكلات عديدة.

وعن إشكاليات الكتابة للطفل، أوضح سمير لـ«القاهرة» أنه يجب أن يكون الطفل مشاركًا فى الحدث لا أن يكون مستقبِلًا فقط، مستشهدًا بالسير الشعبية الدرامية المعنية بالطفل فى فن الأراجوز وغيرها، حيث كانت تخاطب الطفل من خلال طريقة تفكيره ومشكلاته، وكان المُلقن يشرك الطفل ويتفاعل معه ببعض الأسئلة وسط الدراما، كما يجب أن يشعر الطفل بأن العمل مقدم له ويهتم بمشكلاته، وهذا هو السبب الذى يدفع الطفل إلى العالم الذى تشكله شركة ديزنى الشهيرة، حيث خلقت شخصيات تُحدث الطفل بمشكلاته ويرى نفسه فيها.

من جانبه يقول الشاعر والكاتب محمود عقاب، إن أبرز إشكالية تواجه الكتابة المسرحية للطفل، والتى قد يقع فيها الكثيرون، هى الخلط بين الكتابة للطفل نفسه أو الكتابة عن الطفل وعوالمه، فلابد وأن يدخل المؤلف فى عالم الطفل بجدية وعمق، ولا يتنقل بين مراحل عمرية مختلفة حتى لا يجد نفسه يكتب عن الطفل للكبار دون أن يشعر.

وأضاف لـ«القاهرة»، أن الأطفال تحب الكتابة عنهم وعن عوالمهم وألعابهم وشخصياتهم، لكن فى المسار الذى يصل إليهم ويحرك الوجدان وينمى القدرات ويرضى طموحاتهم، وليس المسار الذى يستسيغه الكبار فحسب. ويجب على كاتب الأطفال أن يرى تقييم كتاباته من خلال عقد لجان تحكيم من الأطفال أنفسهم بمختلف أعمارهم، والاستماع إلى آرائهم، والكشف على تفاعلهم ومدى إدراك حواسهم لما يكتبه.

ويقول الدكتور سلامة تعلب، الناقد وخبير المناهج التعليمية وأدب الطفل، إن أهم ما يجب أن يتوفر لإنجاح العمل المسرحى المخصص للطفل أن يكون مشوقًا، وأن يكون الكاتب على دراية تامة بسيكولوجية ومراحل نمو الطفل.

فيما يوضح المخرج والكاتب المسرحى مجدى مرعي، أن قضية الكتابة لمسرح الطفل قضية حيوية ينبغى عدم التهاون فيها أو التغاضى عنها لأنها الرافد الأساسى الذى سيغذى المسرح مستقبلًا بجمهوره الواعى وفنانيه القادرين على حمل عبئه ودفع تطوره فى خطى ثابتة، فدراما مسرح الطفل الآن صارت جزءًا من العملية التعليمية والتربوية التى يقوم بها المجتمع لتقويم صغاره وتنشئتهم وفق قيم ومبادئ محددة ومتفق عليها، تساعد على تطور المجتمع.

ويضيف لـ«القاهرة»: من الشروط التى يجب أن تتوافر فى نصوص الطفل أن  يتوافق النص المسرحى مع القيم التربوية المتفق عليها مسبقًا، عملًا لتنمية العقل  وتشجيع الأطفال على الحركة ونبذ الكسل والخمول، ثم ترقية المشاعر والوجدان عن طريق الترفيه والتسلية، ويمكننا فى هذا الصدد أن نعتبر الترفيه هدفًا وليس كما يتصوره البعض مضيعة للوقت.

ويُشير مرعى إلى ضرورة أن يجذب الحدث المكتوب انتباه الأطفال، وأن تحمل اللغة المستخدمة فيه جرسًا محببًا للطفل، وتصاغ ببساطة، وتبتعد عن المفردات التى أدخلت حديثًا إلى عالمنا، وكذلك أن يمتزج الحوار بالحركة، فالحوار بمفرده يبعث على الملل إذا استغرق فترة زمنية طويلة، ويبقى الخيار الأفضل هو أن  يمتزج الاثنان معًا ويتوافقان.

ويكمل الكاتب المسرحى: «لابد أن تتميز النصوص  ببساطة الحبكة وعدم اللجوء إلى التعقيد  كالإفراط فى مشاهد flash back أو الخطوط الدرامية المتقاطعة أو الدراما الفلسفية وغيرها، والتى تحتاج إلى تركيز شديد وهى أمور أكبر من أن يستوعبها الطفل، فإذا تسلسلت الأحداث فى سرد رتيب فقدت جاذبيتها للطفل، وإذا تحولت الأحداث إلى صراع يجعله أكثر إثارة وتشوقًا، شريطة أن لا يقدم الشر فى صورة محببة تدعو الأطفال إلى تقليدها».

 

** نشر ضمن ملف خاص عن ثقافة وفنون الطفل، في العدد 1181 بجريدة القاهرة، بتاريخ 7 مارس 2023